بالبحائر؛ كانوا يشقون أذن الناقة إذا ولدت خمسة أبطنٍ وجاء الخامس ذكراً، وحرموا على أنفسهم الانتفاع بها. وتغييرهم خلق اللَّه: فقء عين الحامي وإعفاؤه عن الركوب. وقيل: الخصاء، وهو في قول عامة العلماء مباحٌ في البهائم، وأما في بنى آدم فمحظور. وعند أبي حنيفة يكره شراء الخصيان وإمساكهم واستخدامهم؛ لأن الرغبة فيهم تدعو إلى خصائهم. وقيل: فطرة اللَّه التي هي دين الإسلام. وقيل للحسن: إن عكرمة يقول: هو الخصاء، فقال: كذب عكرمة، هو دين اللَّه. وعن ابن مسعود: هو الوشم، وعنه:
قوله:(بالبحائر). النهاية: كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث لم يُركب ظهرها، ولم يجز وبرها، ولم يحلب لبنها إلا ضيف، وتركوها مسيبة لسبيلها وسموها سائبة، فما ولدت بعد ذلك من أنثى شقوا أذنها وخلوا سبيلها وحرم منها ما حرم من أمها وسموها البحيرة، من: بحر: إذا شق أذنها. وحكى الزمخشري: بحيرة وبُحُر كصريمة وصُرم، وهي التي صُرمت أذنها، أي: قُطعت.
قوله:(فقء عين الحامي). الفقء: القلع، والحامي: هو الفحل الذي طال مكثه عندهم، فإذا لقي ولد ولده حُمي ظهره فلا يُركب، ولا يُجز وبره، ولا يمنع من مرعى.
قوله:(وقيل: فطرة الله التي هي دين الإسلام). الراغب: في الآية إشارة إلى أن كل ما جعله الله كاملاً بفطرته جعله الإنسان ناقصاً بسوء تدبيره، وتغيير خلق الله هو: أن كل ما أوجده الله تعالى لفضيلة فاستعان الإنسان به في رذيلة فقد غير خلقه، وقد دخل في عمومه جعل الله للإنسان شهوة الجماع ليكون سبباً للتناسل على وجه مخصوص؛ فاستعان به في السفاح واللواط، وكذا المخنث إذا نتف لحيته وتقنع تشبهاً بالنساء، والفتاة إذا ترجلت متشبهة بالفتيان، ودخل في عمومه أيضاً كل ما حلله الله فحرموه أو حرمه فحللوه، وإلى هذه الجملة أشار المفسرون.
قوله:(فقال: كذب عكرمة هو دين الله) يعني قوله: {لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً