العدل والنصفة في حقوق اليتامى من عظائم الأمور المرفوعة الدرجات عند اللَّه التي تجب مراعاتها والمحافظة عليها، والمخل بها ظالم متهاون بما عظمه اللَّه. ونحوه في تعظيم القرآن:(وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)[الزخرف: ٤]. ويجوز أن يكون مجروراً على القسم، كأنه قيل: قل: اللَّه يفتيكم فيهنّ، وأقسم بما يتلى عليكم في الكتاب. والقسم- أيضاً- لمعنى التعظيم. وليس بسديدٍ أن يعطف على المجرور في:(فِيهِنَّ)؛ لاختلاله من حيث اللفظ والمعنى. فإن قلت: بم تعلق قوله: (فِي
وبيان الاعتراض أن قوله:{فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} بدل من قوله: {فِيهِنَّ} واعترض بين البدل والمبدل قوله: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} أي: اللوح المحفوظ؛ فعلى هذا قوله:{قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} معناه: كلام الله- أي: القرآن- يفتيكم فيهن، ثم أكد هذا المعنى بأن قيل: ما يتلى عليكم ثابت مستقر في اللوح المحفوظ عند مليك عظيم الشأن، كقوله تعالى:{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا}[الزخرف: ٤] في شأنكم في أمر يفتيه كتابٌ هذا شأنه، فيكون من عظائم الأمور" تفسير لقوله: "تعظيماً للمتلو عليهم"، فيلزم من هذا التعظيم إيجاب مراعاتها والمحافظة عليها، ويفهم منه أن الإخلال بها وضع للشيء في غير موضعه، وفي هذا الوجه وفي أن يكون "ما يُتلى" مجروراً على القسم لا يكون في الآية ما يومئ إلى أن الفتوى في أي شيء هو.
قال الإمام: الاستفتاء لايقع عن ذوات النساء؛ وإنما في حال من حالاتهن وصفة من صفاتهن، وتلك الحالة غير مذكورة في هذه الآية؛ فكانت الآية مجملة غير دالة على الأمر الذي وقع فيه الاستفتاء. وقلت: ويكون التفصيل ما سبق في أول السورة من الآيتين كما سيجيء.
قوله:(من حيث اللفظ والمعنى). أما اللفظ: فإنه لا يجوز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وأما المعنى: فلأنه لا يستقيم أن يقال: يفتيكم في حق ما يتلى عليم، فغن قلت: لم لا يجوز أن يقال: الله يفتيكم في الكتاب بما يرويه المستفتي من قوله: {وَإِنْ