للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عيون الناس إلا ما يجاهرون به، وما يجاهرون به قليل أيضاً لأنهم ما وجدوا مندوحةً من تكلف ما ليس في قلوبهم لم يتكلفوه. أو: ولا يذكرون اللَّه بالتسبيح والتهليل إلا ذكرا قليلا في الندرة، وهكذا ترى كثيراً من المتظاهرين بالإسلام لو صحبته الأيام والليالي لم تسمع منه تهليلة ولا تسبيحة ولا تحميدة، ولكن حديث الدنيا يستغرق به أوقاته لا يفتر عنه. ويجوز أن يراد بالقلة العدم. فإن قلت: ما معنى المراءاة وهي مفاعلة من الرؤية؟ قلت: فيها وجهان: أحدهما: أن المرائي يريهم عمله وهم يرونه استحسانه.

والثاني: أن يكون من المفاعلة بمعنى التفعيل، فيقال: راءى الناس، بمعنى: رأاهم، كقولك: نعمه وناعمه، وفنقه وفانقه وعيش مفانق. روى أبو زيد: رأت المرأة المرأة الرجل، إذا أمسكتها لترى وجهه. ويدل عليه قراءة ابن أبى إسحاق: يرؤونهم بهمزة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (إلا ما يُجاهرون به) استثناء منقطع، و"ما" في "ما وجدوا": مصدرية، يعني: ما دام يحصل لهم سعة في أن لا يذكروا لا يذكرون.

قوله: (ولكن حديث الدنيا) بالنصب على نزع الخافض وإضمار العامل، المعنى: لكن يستغرق بحديث الدنيا أوقاته، أو: لم يُسمع منه تهليلة ولكن يُسمع حديث الدنيا، ويروي حديث مرفوع.

قوله: (كقولك: نعمه). النعمة بالفتح: التنعيم، ويقال: نعمه وناعمه فتنعم وتفنق، أي: تنعم، وفنقه غيره تفنيقاً وفانقه.

قوله: (رأت المرأة) قال أبو زيد: رأيت الرجل ترئية: إذا أمسكت له المرآة لينظر فيها وجهه، عن الجوهري. قوله: (يرؤونهم)، وفي التلاوة: {يُرَاءُونَ النَّاسَ}، فأضمر الشيخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>