للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ): الطبق الذي في قعر جهنم، والنار سبع دركات، سميت بذلك لأنها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض، وقرئ بسكون الراء، والوجه التحريك، لقولهم: أدراك جهنم. فإن قلت: لِمَ كان المنافق أشدّ عذابا من الكافر؟ قلت: لأنه مثله في الكفر، وضم إلى كفره الاستهزاء بالإسلام وأهله ومداجاتهم (وَأَصْلَحُوا) ما أفسدوا من أسرارهم وأحوالهم في حال النفاق.

(وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ) ووثقوا به كما يثق المؤمنون الخلص، (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) لا يبتغون بطاعتهم إلا وجهه (فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ): فهم أصحاب المؤمنين ورفقاؤهم في الدارين. (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً) عَظِيماً فيشاركونهم فيه ويساهمونهم. فإن قلت: مَن المنافق؟ قلت: هو في الشريعة من أظهر الإيمان وأبطن الكفر. وأمّا تسمية من ارتكب ما يفسق به بالمنافق فللتغليظ، كقوله «من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر» ومنه قوله عليه صلى الله عليه وسلم:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ({الدَّرْكِ الأَسْفَلِ}: الطبق الذي في قعر جهنم). الراغب: الدرك كالدرج، لكن الدرج يقال اعتباراً بالصعود، والدرك اعتباراً بالحدور، ولهذا قيل: درجات الجنة، ودركات النار، ولتصور الحدور في النار سُميت هاوية، ويقال للحبل الذي يوصل به آخر ليدرك الماء: درك.

قوله: (والوجه التحريك لقولهم: أدراك جهنم). قال الزجاج: الدرك بالحركة والسكون لغتان حكاهما أهل اللغة؛ إلا أن الاختيار الفتح لإجماع الناس عليها ولأن أحداً من المحدثين ما رواها إلا بالفتح، ولأن أفعالاً لا تكون جمع فعلٍ بالسكون إلا في الشذوذ، وإنما هو جمعُ فعل بالحركة.

قوله: (ومداجاتهم). الجوهري: المداجاة: المداراة.

<<  <  ج: ص:  >  >>