قلت: والمراد هاهنا إضافة الشحوم إلى الضمير، لأن الظاهر أن يقال: ومن البقر والغنم حرمنا عليهم الشحوم، وأخذت من زيد المال، فأضيف لزيادة الربط. وإلى هذا ذهب صاحب "التقريب".
وأما بيان نسبة الفعل إلى الاسم فإن الظاهر أن يقال:"أخذت مال زيد" فأنت في قولك: "من زيد أخذت" مجمل، لأن المأخوذ يحتمل أن يكون جميع ما يملك، أو يكون شيئاً دون شيء، وإذا قلت:"ماله"، تعين المال.
وقريب منه - من حيث الإجمال والتفصيل - قوله تعالى:(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)[الشرح: ١]. هذا، وإن اقتضاه التركيب، لكنه ليس بمعنى هاهنا. وأما الحصر في قوله:"لم يحرم منهما إلا الشحوم الخالصة"، فمن تقديم المعمول على العامل، وتخصيصه في الثاني، وتأخيره وتعميمه في الأول.
وقال أبو البقاء:" (ومن البقر) معطوف على (كل)، وجعل (حرمنا عليهم شحومهما) تبييناً للمحرم من البقر. ويجوز أن يكون (البقر) متعلقاً بـ (حرمنا) الثانية". وقال صاحب "الكشف": "والتقدير حينئذ: وحرمنا من البقر والغنم عليهم