لم أكن عصيتك، وإذا قلت: لا تطع زيداً أو عمراً أو خالداً، أي: هؤلاء كلهم أهل ألا يطاع، فلا تطع واحداً منهم، ولا تطع الجماعة، ومثله:"جالس الحسن أو ابن سيرين أو الشعبي" فليس المعنى أني أمرتك بمجالسة واحد منهم، بل المعنى: كلهم أهل أن يجالس، فإن جالست واحداً منهم فأنت مصيب، وإن جالست الجماعة فأنت مصيب".
وقال ابن الحاجب: " (أو) في قوله تعالى: (ولا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا)[الإنسان: ٢٤] بمعناها، وهو أحد الأمرين، وإنما جاء التعميم من النهي الذي فيه معنى النفي، لأن المعنى قبل وجود النهي فيهما: تطيع آثماً أو كفوراً، أي: واحداً منهما، فإذا جاء النهي ورد على ما كان ثابتاً في المعنى، فيصير المعنى: ولا تطع واحداً منهما، فيجيء التعميم فيهما من جهة النهي الداخل، بخلاف الإثبات، فإنه قد يفعل أحدهما دون الآخر. فهو معنى دقيق" تم كلامه.
وحاصل ذلك أنك إذا عطفت (أَوِ الحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) على (شحومهما) دخلت الثلاث تحت حكم النفي، فيحرم الكل سوى ما استثنى منه، وإذا عطفت على المستثنى لم يحرم سوى "الشحوم". و (أو) على الأول للإباحة، وعلى الثاني للتنويع.
قال أبو البقاء: " (أو): هاهنا لتفصيل مذاهبهم، لاختلاف أماكنها، كقوله تعالى:(وقَالُوا لَن يَدْخُلَ الجَنَّةَ إلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى)[البقرة: ١١١]، فلما لم يفصل في قوله:(وقالوا) جاء بـ (أو) للتفصيل، إذ كانت موضوعةً لأحد الشيئين".