الرشد، ثم خط عن يمينه وعن شماله خطوطاً ثم قال:"هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه"،
ثم تلا هذه الآية (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما:"هذه الآيات محكمات لم ينسخهنّ شيء من جميع الكتب". وقيل: إنهنّ أمّ الكتاب، ومن عمل بهنّ دخل الجنة، ومن تركهنّ دخل النار. وعن كعب الأحبار: والذي نفس كعبٍ بيده، إنّ هذه الآيات لأول شيء في التوراة.
فإن قلت: علام عطف قوله: (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ)[الأنعام: ١٥٤]؟ قلت: على (وَصَّاكُمْ بِهِ).
فإن قلت: كيف صح عطفه عليه بـ (ثم)، والإيتاء قبل التوصية بدهر طويل؟ قلت: هذه التوصية قديمة، لم تزل توصى بها كل أمّة على لسان نبيهم، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما:"محكمات لم ينسخهنّ شيءٌ من جميع الكتب"، فكأنه قيل: ذلكم وصاكم به، يا بني آدم قديماً وحديثاً.
قوله:(هذه الآيات محكمات). يعني: من قوله: (قل تعالوا) إلى قوله: (لعلكم تتقون).
قوله:(إنهن أم الكتاب)، لأنها جامعة لمعظم ما يجب أن يؤتي به، وما ينبغي أن يتحرز عنه. كما سميت "الفاتحة" بأم القرآن.
قوله:(وعن كعب الأحبار). قال صاحب "الجامع": "هو كعب بن ماتع، بكسر التاء، فوقها نقطتان، وبالعين المهملة: من حمير، أدرك زمن النبي صلي الله عليه وسلم ولم يره، وأسلم في زمن عمر بن الخطاب".