(فَرَّقُوا دِينَهُمْ) اختلفوا فيه كما اختلفت اليهود والنصارى. وفي الحديث:«افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، كلها في الهاوية إلا واحدة وهي الناجية، وافترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة، كلها في الهاوية إلا واحدة. وتفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في الهاوية إلا واحدة» وقيل: (فرّقوا دينهم) فآمنوا ببعض وكفروا ببعض
ومن فواضل نعم الله المتكاثرة، وسوابغ آلائه المتتابعة، العثور بعد هذا التقرير - معنى ولفظاً، من غير إفراطٍ وتقتير - على قوله تعالى:(ولَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى ورَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢) هَلْ يَنظُرُونَ إلاَّ تَاوِيلَهُ يَوْمَ يَاتِي تَاوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [الأعراف: ٥٢ - ٥٣]. فوازن معه، لنقف على صنع الملك العلام، ما نقر معه بالتحدث والإلهام، فنقول:(الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا ومَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ)[الأعراف: ٤٣]، ونستعيذ من أن نتلفظ بمثل (قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا)[الأعراف: ٥٣].
وظهر منه أن الإيمان المجرد - قبل كشف قوارع الساعة - نافع، وأن الإيمان المقارن بالعمل الصالح أنفع، وأما بعدها فلا ينفع شيء قط.
قوله:(افترقت اليهود) الحديث: من رواية عبد الله بن عمرو، عن النبي صلي الله عليه وسلم: "إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملةً، وتفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين ملة، كلهم في النار،