قوله:(ويجوز العكس). أي: يكون (دعواهم) الاسم، و (أن قالوا) الخبر. وفيه إشعار بأن الوجه هو الأول.
قال أبو البقاء:"جعل (أن) مع ما بعدها اسماً أولى، لأنه يشبه المضمر في أن لا يوصف". ولا يعلم الفرق بين الوجهين من أداة الحصر، لأنك سواء جعلت (دعواهم) اسماً أو خبراً لـ (كان) أفاد معنى الدعوى، على هذا القول، لأن التقدير: فما كان دعواهم قولاً من الأقوال إلا هذا القول المخصوص، أو: ما كان دعواهم قولاً من الأقوال إلا هذا، لأنه من قصر المطلق على المقيد. مثاله:"ما كان كلامهم إلا أن قالوا: كيت وكيت".
وإياك أن تأتي بمثال على غير هذا المنوال، فتزل عن الصواب.
نعم، التفاوت فيه من كون الاسم والخبر معرفتين، وفيهما التقديم والتأخير. أما الأول: فإنك إذا قلت: كان زيد أخاك، أو: كان زيداً أخوك، وجدت الفرق، فإن الأول يقال لمن عرف زيداً، لكنه متردد: هل هو أخوه أم لا، والثاني لمن عرف أخاً له، لكنه شاك في أنه زيد أم غيره. فإذا أتيت بالنفي والإثبات، أشرت إلى أن ذلك التردد ارتقى إلى الإنكار، فأنت تقصد ردة إلى الصواب بما أمكن لكون "ما" و"لا" إنما يتلقى بهما من يصر على الإنكار.