(فَاهْبِطْ مِنْها): من السماء التي هي مكان المطيعين المتواضعين من الملائكة، إلى الأرض التي هي مقرّ العاصين المتكبرين من الثقلين (فَما يَكُونُ لَكَ): فما يصح لك (أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها) وتعصي، (فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ): من أهل الصغار والهوان على الله وعلى أوليائه لتكبرك، كما تقول للرجل: قم صاغراً؛ إذا أهنته. وفي ضدّه: قم راشداً، وذلك أنه لما أظهر الاستكبار ألبس الصغار.
قال:(ونَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)[الحجر: ٢٩]، وباعتبار الغاية وهو ملاكه، (قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ)[البقرة: ٣٣]. وفي الآية دليل على أن الشياطين أجسام كائنة. وفيه أن إبليس بني كلامه على كون الحسن والقبح عقليين".
قوله:(إلى الأرض التي هي مقر العاصين المتكبرين). وفيه أن مكان المتكبر السفل وإن استعلى، ومكان المتواضع العلو وإن سفل، ومن ثم قال:(أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ)[الزمر: ٦٠].
وروينا عن الترمذي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكانٍ، يساقون إلى سجنٍ في جهنم يقال له: بولس" الحديث.