وإن رماهم بمأثرة رموه بمآثر، وقد جرد لهم الحجة أولاً والسيف آخراً، فلم يعارضوا إلا السيف وحده، على أن السيف القاضب مخراق لاعب إن لم تمض الحجة حده، فما أعرضوا عن معارضة الحجة إلا لعلمهم أن البحر قد زخر .......
قوله:(بمأثرة)، المأثرة: كل خصلة تؤثر. و"المفخرة" بفتح الخاء وضمها: المأثرة. جميع ذلك مبالغة في عصبيتهم وحميتهم، وأنهم كانوا في عداد من يغلبون ولا يغلبون، ومع ذلك عجزوا عن التحدي والمعارضة.
قوله:(وقد جرد لهم الحجة أولاً)، حال من ضمير "أفحم" جيء بها على سبيل الترقي والتدرج لإرادة المبالغة في إعجاز القرآن. قال أولاً:"لمقدار أقصر سورة"، وثانياً:"أنهم كانوا أكثر من حصى البطحاء"، ثم ثالثاً: مع تهالكهم وحرصهم على العصبية، ثم رابعاً: أنه "جرد لهم الحجة أولاً والسيف آخراً"، وتجريد الحجة أولاً والسيف آخراً بمنزلة تخيير المتحدى به بين الإتيان بما يتحدى به، وبين الإقرار بالعجز، كما تقول لمن تباريه: إما أن تأتي بمثله أو تقر بالعجز.
قوله:(مخراق لاعب)، الجوهري: المخراق: المنديل يلف ليضرب به. عربي صحيح. قال عمرو بن كلثوم:
كأن سيوفنا منا ومنهم … مخاريق بأيدي لاعبينا
قوله:(على أن السيف)، هو حال من فاعل:"فلم يعارضوا". قال الحماسي: