(إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) هم الملائكة صلوات الله عليهم، ومعنى (عِنْدَ): دنوّ الزلفة، والقرب من رحمة الله تعالى وفضله، لتوفرهم على طاعته وابتغاء مرضاته، (وَلَهُ يَسْجُدُونَ): ويختصونه بالعبادة لا يشركون به غيره، وهو تعريضٌ بمن سواهم من المكلفين.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من «قرأ سورة الأعراف جعل الله يوم القيامة بينه وبين إبليس ستراً، وكان آدم شفيعاً له يوم القيامة».
قوله:(مطابق للغدو) لأن الأصل أن يقال: بالغدوات، جمع "غدوة"، ليطابق "الآصال" في الجمع. وأما على هذه القراءة فهما مفردان.
قوله:(وهو تعريض بمن سواهم من المكلفين): يعني: دل تقديم متعلق (يسجدون) عليه، على أن غيرهم لا يختصونه بالسجود، بل يشركون معه غيره.
وقلت: يمكن أن يقال: إن التقديم لمراعاة الفواصل، وإن الآية بتمامها تعريض، لأن وزان قوله تعالى:(إنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ) الآية، مع قوله:(واذكر ربك في نفسك) الآية، وزان قوله:(فَإنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ والنَّهَارِ وهُمْ لا يَسْأَمُونَ)[فصلت: ٣٨]، مع قوله:(واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون)[فصلت: ٣٧] في ترتب الثاني على الأول، والمخالفة بالفاء والاستئناف لا تمنع العلية.