وقد جعل التقوى وإصلاح ذات البين وطاعة الله ورسوله من لوازم الإيمان وموجباته، ليعلمهم أنّ كمال الإيمان موقوف على التوفر عليها.
ومعنى قوله:(إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) إن كنتم كاملي الإيمان. واللام في قوله:(إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) إشارة إليهم. أي: إنما الكاملو الإيمان من صفتهم كيت وكيت، والدليل عليه قوله:(أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا). (وجِلَتْ قُلُوبُهُمْ): فزعت، وعن أمّ الدرداء: الوجل في القلب كاحتراق السعفة، أما تجد له قشعريرة؟
فاتقوا الله وكونوا مجتمعين على ما أمر الله ورسوله، وكذا معنى:"اللهم أصلح ذات البين" أي: أصلح الحال التي لها يجتمع المسلمون".
قوله:((إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ): إن كنتم كاملي الإيمان): وإنما دل على الكمال ليكون الخطاب مع من آمن إيماناً لا شك فيه، كما أومأ إليه بقوله: "ليعلمهم أن كمال الإيمان موقوف على التوفر عليها"، وفيه أن الإيمان له مراتب، يعني: إن كنتم من الذين لهم المرتبة العليا في الإيمان.
ثم اتجه لهم أن يسألوا: ما لنا خوطبنا بقوله: (إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ)، وهل يشك في كوننا كاملي الإيمان؟ فقيل:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ) الآيات، وهو المراد من قوله: "واللام في قوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) إشارة إليهم".
قوله:(قشعريرة): هي من قولهم: اقشعر جلد الإنسان اقشعراراً، يُقال: أخذته قشعريرة. كأنه شكى بعضهم إليها فزعة يجدها عند استماع الذكر، فقالت: إن تلك الفزعة تشبه احتراق الورقة اليابسة، وعلامتها إحساس الارتعاد في الجلد، ثم أرشدته بإزالتها بالدعاء.