كما فرقوا بين ضماني الخير والشر فقالوا: وعد وأوعد، وقراءة السلمي جاءت على الأصل اعتباراً لمعنى البعد من غير تخصيص، كما يقال: ذهب فلان ومضى، في معنى الموت. وقيل: معناه بعداً لهم من رحمة الله كما بعدت ثمود منها.
(بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) فيه وجهان: أن يراد أنّ هذه الآيات فيها سلطان مبين لموسى على صدق نبوّته، وأن يراد بـ"السلطان المبين": العصا، لأنها أبهرها.
(وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) تجهيل لمتبعيه حيث شايعوه على أمره، وهو ضلال مبين لا يخفى على من فيه أدنى مسكة من العقل، وذلك أنه ادّعى الإلهية، .........
قوله:(سلطان مبين لموسى)، الراغب:"السلاطة: التمكن من القهر، يقال: سلطته، ومنه سمي السلطان، وسمي الحجة سلطاناً؛ لما للحق من الهجوم على القلب، لكن أكثر تسلطه على أهل العلم والحكمة، وقوله تعالى:(هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ)[الحاقة: ٢٩]: يحتمل السلطانين، وسلاطة اللسان: القوة على المقال، وذلك في الذم أكثر استعمالاً، يقال: امرأة سليطة".
قوله: (وأن يراد بـ "السلطان المبين": العصا): من عطف الخاص على العام للشرف، وعلى الأول: من باب العطف التجريدي، نحو: مررت بالرجل الكريم والنسمة المباركة، كأنه جرد من الآيات الحجة، وجعلها غيرها، وعطفها عليها، وهي هي، ومن ثم قال:"إن هذه الآيات فيها سلطان مبين"، كقوله تعالى:(لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ)[فصلت: ٢٨].
قوله:((وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) تجهيل لمتبعيه): لأن حق الظاهر أن يقال: أمر فرعون غي وضلال، فأتى (بِرَشِيدٍ)، ونفاه تجهيلاً للقوم، وتصويراً لتلك الحالة التي وقع