للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويجوز أن يريد بقوله: (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) وما أمره بصالح حميد العاقبة. ويكون قوله (يَقْدُمُ قَوْمَهُ) تفسيراً لذلك وإيضاحاً، أى: كيف يرشد أمر من هذه عاقبته. و"الرشد" مستعمل في كل ما يحمد ويرتضى، كما استعمل "الغيّ" في كل ما يذم ويتسخط. ويقال: قدمه بمعنى: تقدّمه. ومنه: قادمة الرجل، كما يقال: قدمه بمعنى تقدّمه. ومنه مقدّمة الجيش. وأقدم بمعنى تقدّم. ومنه مقدّم العين.

فإن قلت: هلا قيل: يقدم قومه فيوردهم؟ ولم جيء بلفظ الماضي؟ قلت: لأن الماضي يدل على أمرٍ موجود مقطوع به، فكأنه قيل: يقدّمهم فيوردهم النار لا محالة،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لـ "اتبعوا"، والمراد الغي، وترتب (فَاتَّبَعُوا) بالفاء على (أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ): الإشارة إلى تعكيس رأيهم، وهو أن إرسال موسى بالآيات الظاهرة والبراهين الساطعة موجب للهدى والرشد في الدنيا والفلاح في العقبى، فآثروا عليه متابعة من أوقعهم في الغي والضلال في الدنيا وأوردهم النار في العقبى، كقوله تعالى: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً) [القصص: ٨].

قوله: (ويجوز أن يريد بقوله: (وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ): وما أمره بصالح حميد العاقبة): عطف على قوله: "الأمر الرشيد: الذي فيه رشد"، و"الرشد" على الأول: حقيقة، لأنه في مقابل "الغي"، ولهذا قال: "إنما هو غي صريح"، وعلى الثاني: مجاز عن العاقبة الحميدة، ومن ثم قال: "الرشد: مستعمل في كل ما يحمد ويرتضى". (وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ): حال من فاعل (فَاتَّبَعُوا)، أو من المفعول، وهو المختار عنده لقوله: "على أمره، وهو ضلال مبين".

وقوله: (يَقْدُمُ قَوْمَهُ) على الأول: استئناف، كأنه قيل: ما مآل حالهم في متابعة هذا الضال المغوي؟ قيل: يقدمهم يوم القيامة فيوردهم النار. وعلى الثاني: (يَقْدُمُ قَوْمَهُ) بيان لقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>