للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: الغرض وصف ذلك اليوم بالهول والعظم وتميزه من بين الأيام، فإن جعلته مشهوداً في نفسه فسائر الأيام كذلك مشهودات كلها، ولكن يجعل مشهوداً فيه حتى يحصل التميز كما تميز يوم الجمعة عن أيام الأسبوع بكونه مشهوداً فيه دونها، ولم يجز أن يكون مشهوداً في نفسه، لأنّ سائر أيام الأسبوع مثله يشهدها كل من يشهده، وكذلك قوله: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة: ١٨٥]؛ (الشهر) منتصب ظرفاً لا مفعولاً به، وكذلك الضمير في (فَلْيَصُمْهُ)، والمعنى: فمن شهد منكم في الشهر فليصم فيه، .........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيه، كقوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ) [البقرة: ١٨٥]، أي: فيه، ثم تجعله على الاتساع مشهوداً، فلا تجعله ابتداء مشهوداً في نفسه، لأن الغرض تهويل ذلك اليوم، وتمييزه بكونه مشهوداً فيه؟

قوله: (الغرض وصف ذلك اليوم بالهول والعظم وتميزه [من] بين الأيام): قال صاحب "التقريب": وفيه نظر؛ إذ يقال: سائر الأيام مشهود فيها، كما أنها مشهودات، والتحقيق أن في "اليوم المشهود فيه" إيهاماً في "المشهود"، أي: يشهد فيه حال، وفي "اليوم المشهود" لا إيهام، إذ يعلم أن المشهود اليوم، وأما تمييزه عن غيره بالتهويل فلذلك الإيهام مع القرينة والبيان.

قلت: ما أدري ما غرضه من قوله: "سائر الأيام مشهود فيها"، لأن الفرق بين الصورتين في غاية من الظهور، لأنه لا يقال: "يوم مشهود فيه" إلا ليوم تشهد فيه الخلائق من كل أوب لأمر له شأن، أو لخطب يهمهم، نحو أيام الأعياد، وأيام عرفة، وأيام الحرب، وأيام قدوم السلطان، ويقال: يوم مشهود، أي: مدرك، كما تقول: أدركت يوم فلان، وشهر فلان، كما سبق في قوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة: ١٨٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>