للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لا تَكَلَّمُ) لا تتكلم، وهو نظير قوله (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) [النبأ: ٣٨].

فإن قلت: كيف يوفق بين هذا وبين قوله تعالى (يَوْمَ تَاتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها) [النحل: ١١١]، وقوله تعالى (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ* وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) [المرسلات: ٣٥ - ٣٦]؟ ، قلت: ذلك يوم طويل له مواقف ومواطن، ففي بعضها يجادلون عن أنفسهم، وفي بعضها يكفون عن الكلام فلا يؤذن لهم، وفي بعضها يؤذن لهم فيتكلمون، وفي بعضها: يختم على أفواههم وتتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلا لانتهاء مدة معدودة، تنتهي المدة إلى يوم يأتي الله.

ولو جعلت الضمير "لليوم" لاختل النظم، ولأن المضير في (بِإِذْنِهِ) يقتضي ما يرجع إليه، ولو قلت: يأتي هول اليوم، لم يكن بذاك. فإذا جعلت الفاعل ضمير "اليوم"، فقد جعلت "اليوم" وقتاً لإتيان "اليوم"، قال أبو علي: "لا يجوز أني كون فاعل "يأتي" ضمير اليوم الذي يأتي، لما يلزم منه أن يضاف "اليوم" إلى فعل نفسه، ألا ترى أنك لا تقول: جئتك يوم يسرك، لأن معناه: يوم سروره إياك"، وإنما تضيف المصدر إلى الفاعل، كما إذا قلت: جئتك يوم يخرج زيد، أي: في يوم خروج زيد.

قال أبو البقاء: "وأما فاعل "يأتي" فضمير يرجع على (يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ)، ولا يرجع إلى "يوم" المضاف إلى "يأتي"، لأن المضاف إليه كجزء المضاف، فيؤدي إلى إضافة الشيء إلى نفسه".

<<  <  ج: ص:  >  >>