للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: أي شيء أعظم من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً".

هذا، ثم قوله: "الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم"- يعني: كما لا يوجب خروج أهل الجنة من الجنة، كذلك الأول-: يرده تذييل كل من الآيتين بما يخالف الأخرى، فإن اختلافهما يدل على اختلاف الحكمين، فإن قوله تعالى: (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) رد لما عسى أن يقول المعتزلي في أفعال الله بالحسن والقبح، وأن الثواب والعقاب واجبان، رداً بليغاً، حيث جيء به مصدراً بـ "إن"، على وجه تقوي الحكم، وبناء "فعال" للمبالغة.

ويعضد هذا التفسير: ما رواه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة ملؤها".

ثم إن قوله: (عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) يدل على أن هذا الاستثناء ليس على طريقة الأول، لأنه اسم مصدر يؤكد مضمون الجملة، فلو جعل الاستثناء من الخلود في نعيم الجنة لخرج عن أن يكون مؤكداً، فوجب أن يجعل الاستثناء من أسلوب قوله تعالى: (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى) [الدخان: ٥٦]، يعني: أن انقضاء مدة بقائهم فيها محال، فيخلدون فيها أبداً إلا ما شاء الله، وقد علم اتفاقاً أن مشيئة الله على الخلود فيها، فإذن لا انقطاع لخلودهم.

ثم إني وقفت بعد ذلك على ما يوافق هذا المعنى من نص الزجاج رحمه الله تعالى: " (إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ) معناه: هو لا يشاء أن يخرجهم منها، كما تقول: أنا أفعل كذا وكذا إلا أن أشاء

<<  <  ج: ص:  >  >>