(فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ) فهلا كان. وقد حكوا عن الخليل: كل «لولا» في القرآن فمعناها «هلا» إلا التي في الصافات، وما صحت هذه الحكاية ففي غير الصافات (لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ)[القلم: ٤٩]، (وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ)[الفتح: ٢٥]، (وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ)[الإسراء: ٧٤].
(أُولُوا بَقِيَّةٍ) أو لو فضل وخير. وسمي الفضل والجودة بقية لأنّ الرجل يستبقي مما يخرجه أجوده وأفضله، فصار مثلاً في الجودة والفضل. ويقال: فلان من بقية القوم، أي: من خيارهم، وبه فسر بيت "الحماسة":
قوله:(إلا التي في الصافات): وهي قوله تعالى: (وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنْ الْمُحْضَرِينَ)[الصافات: ٥٧].
قوله:(فصار مثلاً في الجودة والفضل): أي: اشتهر معنى الكناية، وسار مسير الأمثال، ويقال: للشيخ بقية، أي: شيء من قوة الشبان.
قوله:(إن تذنبوا ثم تأتيني بقيتكم): تمامه:
فما علي بذنب عندكم فوت
يحتمل أن يراد بـ "البقية": خيارهم وأماثلهم، أي: إن تذنبوا ثم يأتيني خياركم يقيمون معذرة أنفسهم، وأنهم لم يساعدوكم، فما علي بجزاء ذنب فوت، وما يلحقكم من لائمة وعيب، وأن يراد: بقيتكم الذين لم يذنبوا، أي: يأتوني معتذرين بأنهم فارقوكم لعظيم جنايتكم، فلا تفوتني مؤاخذتكم.