تبين لمن تدبرها أنها من عند الله، لا من عند البشر". وثانيهما: مبين من جهة أن الله تعالى أبان فيها وأوضح مطلوب اليهود، وإليه الإشارة بقوله: "أبين فيها ما سألت عنه اليهود"، فعلى هذا هو من الإسناد المجازي، وإنما حمله على الاختلاف وترك الاتساق- وإن لم يجمع بين المتعديين واللازمين- أن الوجهين الأولين محمولان على معنى الكمال، بحيث لا يوجد في غيره من الكتب، ولا كذلك الوجهان الأخيران.
قوله:(في حال كونه (قُرْآناً عَرَبِيّاً))، قال أبو البقاء: "فيه وجهان: أحدهما: أنه توطئة للحال التي هي (عَرَبِيّاً)، والثاني: أنه حال، وهو مصدر في موضع المفعول، أي: مجموعاً ومجتمعاً".
وقلت: معنى التوطئة أنها تنبئ أن ما بعدها حال ومقصود بالذكر، لا أنها في نفسها حال، لأنها لا تدل حينئذ على الهيئة، قال الزجاج في قوله تعالى:(لِسَاناً عَرَبِيّاً): "هو منصوب على الحال. المعنى: مصدقاً لما بين يديه عربياً، وذكر (لِسَاناً) توكيداً، كما تقول: جاءني زيد رجلاً صالحاً، تريد: جاءني زيد صالحاً، وتذكر "رجلاً" توكيداً".