(قالوا لَيُوسُفُ) اللام للابتداء. وفيها تأكيد وتحقيق لمضمون الجملة. أرادوا أنّ زيادة محبته لهما أمر ثابت لا شبهة فيه (وَأَخُوهُ) هو بنيامين. وإنما قالوا أخوه وهم جميعاً إخوته، لأنّ أمّهما كانت واحدة. وقيل (أَحَبُّ) في الاثنين، لأن "أفعل من" لا يفرّق فيه بين الواحد وما فوقه، ولا بين المذكر والمؤنث إذا كان معه «من» ولا بد من الفرق مع لام التعريف، وإذا أضيف جاز الأمران.
والواو في (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) واو الحال. يعني: أنه يفضلهما في المحبة علينا، وهما اثنان صغيران لا كفاية فيهما ولا منفعة، ونحن جماعة عشرة رجال كفأة نقوم بمرافقه، فنحن أحقّ بزيادة المحبة منهما، لفضلنا بالكثرة والمنفعة عليهما (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي: في ذهاب عن طريق الصواب في ذلك. والعصبة والعصابة: العشرة فصاعداً. وقيل: إلى الأربعين، سموا بذلك لأنهم جماعة تعصب بهم الأمور
قوله:((لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي: في ذهاب عن طريق الصواب في ذلك)، يعني: أن نسبة الضلال إلى أبيهم إن كان مطلقاً، يوهم سوء أدب، لكن مقيد بقرينة الأحوال، كقوله تعالى:(وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ)[البقرة: ١٦]، أي: في أمور التجارة، كقوله:(فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً)[النساء: ٦]، أي: رشداً في طريق التجارة.
قوله:(لأنهم جماعة تعصب بهم الأمور)، الراغب: "العصب: أطناب المفاصل، ولحم عصيب: كثير العصب، والمعصوب: المشدود بالعصب، ثم يقال لكل شد: عصب، نحو قولهم: لأعصبنك عصب السلمة، وفلان شديد العصب، ومعصوب الخلق، أي: مدمج الخلقة، والعصبة: جماعة متعصبة، قال تعالى:(مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ)[القصص: ٧٦]،