هذا: وإن أصعب السبل تقييد القيود المبهمة؛ فإنه بلغ في الغموض وراء حد حل الإلغاز. وهو الذي يعجز الناظر فيه كل الإعجاز. ولم أقتصر على ذلك، بل جمعت معارضات عظماء الشرق، ومناقضات فضلاء الغرب، وتجنبت التعصب في الرد إلا فيما لم يساعد عليه النص القاهر، والنظم الباهر.
وعثرت بعد طول المباحثات على أن معرفة إبراز النظم هي أعظم المطالب، وأسنى المقاصد والمآرب، فإنها مسبار البلاغة، ومعيار البراعة؛ إذ بها تنتقد الأقاويل، ويرجح تأويل على تأويل. ثم إن تر خللاً فانسبه إلى الونى والقصور، وإن تعثر على ما تقر به العين فأحله إلى فيضان النور من جناب سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين صلى الله عليه وسلم؛ فإني رأيت- والله الواهب- فيما يرى النائم في أثناء الشروع أو قبيله أنه صلى الله عليه وسلم ناولني قدحاً من اللبن وأشار إلي، فأصبت منه، ثم ناولته صلوات الله عليه وسلامه فأصاب منه، وسميت الكتاب بـ:
"فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب"
وبالله أستعين على ما نويته واعتقدته، وأستعيذ من الزلل فيما نحوته واعتمدته.