(لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) أي: مع ظلمهم أنفسهم بالذنوب، ومحله الحال، بمعنى: ظالمين لأنفسهم وفيه أوجه: أن يريد السيئات المكفرة لمجتنب الكبائر، أو الكبائر بشرط التوبة، أو يريد بالمغفرة: الستر والإمهال. وروي أنها لما نزلت قال النبي عليه الصلاة والسلام:«لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحد العيش، ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد».
(لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) لم يعتدوا بالآيات المنزلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عناداً، فاقترحوا نحو آيات موسى وعيسى، من انقلاب العصا حية، وإحياء الموتى، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنت رجل أرسلت منذراً ومخوّفاً لهم من سوء العاقبة، وناصحاً كغيرك من الرسل،
قوله:(وفيه أوجه)، يعني: إذا جعل (عَلَى ظُلْمِهِمْ) حالاً من "الناس"، كان إغراء على الظلم، لأن المعنى أن الله يغفر للناس مع كونهم ظالمين؛ لما فيه من المبالغة، فوجب التأويل، وفيه وجوه ثلاثة كما ذكرها، والوجه هو الثالث، لأن الآية على وزان قوله تعالى:(قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً)[الفرقان: ٦]، قال في تفسيره:"هو تنبيه على أنهم استوجبوا بمكابرتهم هذه أن يصب عليهم العذاب صباً، ولكن صرف ذلك عنهم أنه غفور رحيم، يمهل ولا يعاجل".