ومعنى (بِلِسانِ قَوْمِهِ): بلغة قومه. وقرئ:"بلسن قومه". واللسن واللسان: كالريش والرياش، بمعنى اللغة. وقرئ:«بلسن قومه» بضم اللام، والسين مضمومةٌ أو ساكنة، وهو جمع لسان، كعماد وعمد وعمد على التخفيف.
وقيل: الضمير في (قومه) لمحمد صلى الله عليه وسلم، ورووه عن الضحاك. وأن الكتب كلها نزلت بالعربية، ثم أدّاها كل نبيّ بلغة قومه، وليس بصحيح، لأنّ قوله (لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) ضمير القوم وهم العرب، فيؤدّى إلى أن الله أنزل التوراة من السماء بالعربية ليبين للعرب، وهذا معنى فاسد (فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) كقوله: (فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ)[التغابن: ٢]، لأنّ الله لا يضلّ إلا من يعلم أنه لن يؤمن، ولا يهدي إلا من يعلم أنه يؤمن. والمراد بالإضلال: التخلية ومنع الألطاف، وبالهداية: التوفيق واللطف، فكان ذلك كناية عن الكفر والإيمان (وَهُوَ الْعَزِيزُ) فلا يغلب على مشيئته الْحَكِيمُ فلا يخذل إلا أهل الخذلان، ولا يلطف إلا بأهل اللطف.
قوله:(التي هو منها)، الضمير المرفوع للرسول صلى الله عليه وسلم، والمجرور للأمة. وقوله:"يتلوه" حال من المرفوع في "كلم".
قوله:(لأن قوله: (لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) ضمير القوم، وهم العرب)، وللضحاك أن يقول: الضمير لكل قوم، كأنه قيل: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قوم محمد صلى الله عليه وسلم ليبين الرسول لقومه الذي أرسل إليهم؛ لدلالة السياق.
قوله:((فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ): كقوله تعالى: (فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ))، يريد: أن الفاء في (فَيُضِلُّ) تفصيلية، يعني: أن الله تعالى أرسل الرسول إلى القوم ليبين لهم طريق الهداية وطريق الضلالة، فعند ذلك حصل الاختلاف؛ فبعضهم اختاروا الهداية وبعضهم الضلالة، كقوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ