للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) فعضوها غيظاً وضجراً مما جاءت به الرسل، كقوله (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) [آل عمران: ١١٩]، أو ضحكاً واستهزاء كمن غلبه الضحك فوضع يده على فيه. أو: وأشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وما نطقت به من قولهم (إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) أي: هذا جوابنا لكم ليس عندنا غيره، إقناطاً لهم من التصديق. ألا ترى إلى قوله (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) وهذا قول قوي. أو: وضعوها على أفواههم يقولون للأنبياء: أطبقوا أفواهكم واسكتوا. أو ردّوها في أفواه الأنبياء، ........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)، وفصله مبتدئاً بقصة موسى عليه السلام، عقبه مجملاً بقوله: (أَلَمْ يَاتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ) توبيخاً وتهديداً.

قوله: (ألا ترى إلى قوله: (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ) يعني: الذي ينصر أن المراد من قوله: (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ): أنهم أشاروا بأيديهم إلى ما نطقت به ألسنتهم؛ عطف قوله: (إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ)، أي: أشاروا إلى أفواههم، ثم تكلموا به، لتتصل الإشارة بالقول، ومنه قولهم: أقول قولي هذا. وهذا أقوى الوجوه؛ وذلك أنه تعالى عطف "قالوا" على (فَرَدُّوا)، والفاء للتعقيب، فكأنهم لما جاءتهم الرسل بالبينات ما أمهلوا، بل عقبوه بالتكذيب، وأكدوه غاية التأكيد، وما تفكروا في الآيات، وما قصروا في الرد.

الانتصاف: "أقوى الوجوه هذا، لأن إقناطهم قولاً وفعلاً هو المناسب لحدهم، ومن ثم صدروا الجملة بـ "إن" المؤكدة، وواجهوا بالخطاب، وكرروا "إنا"، ولا يناسب

<<  <  ج: ص:  >  >>