فإن قلت: ما معنى التبعيض في قوله: (من ذنوبكم)؟ قلت: ما علمته جاء هكذا إلا في خطاب الكافرين، كقوله:(وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ* يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ)[نوح: ٣ - ٤]، (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ)[الأحقاف: ٣١]، وقال في خطاب المؤمنين:(هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ)[الصف: ١٠] إلى أن قال (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)[الصف: ١٢]، وغير ذلك مما يقفك عليه الاستقراء، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين،
لَكُم)، أو يدعوكم إلى المغفرة، كقولك: دعوته لينصرني؛ على إقامة المفعول له مقام المفعول به"، أراد: أن المدعو إليه في الأول: الإيمان، و (لِيَغْفِرَ لَكُم) تعليل قصداً، وفي الثاني: المدعو إليه المغفرة، والتعليل لازم لكن من غير قصد.
قوله:(دعوت لما نابني مسوراً فلبا فلبي يدي مسور)، روي عن المصنف: أن ذكر "اليدين" على سبيل الإقحام، وأضاف "لبي" إلى المظهر، كما يضاف إلى المضمر، وفي حاشية "الصحاح": "قال أبو تمام: البيت لأعرابي من بني أسد، استشهد به على أن "لبيك" مثنى، والياء علامة التثنية، وليست مثل: عليك وإليك. وكتب ابن الحبيب الكاتب".
فـ "لبا" الأولى بالألف، والثانية بالياء على إضافتها إلى "يدي" إضافة للمصدر إلى المفعول، وصححه الصغاني، والأول فعل وإن كانت الألف رابعة، ولعل ذلك للتمييز، والفاء الثانية سببية على حذف الفعل، وإقامة المصدر مقامه، دعا له أن يكون مجاباً كما كان مجيباً و"يدي" تأكيد.