(إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) تسليم لقولهم، وأنهم بشر مثلهم، يعنون: أنهم مثلهم في البشرية وحدها، فأما ما وراء ذلك فما كانوا مثلهم، ولكنهم لم يذكروا فضلهم تواضعاً منهم،
قوله:(تسليم لقولهم، وأنهم بشر مثلهم) إلى قوله: (فأما ما وراء ذلك فما كانوا مثلهم)، وهو كالقول بالموجب، لأن فيه إطماعاً بالموافقة، وكذا إلى إجابتهم بالإبطال بقوله:(وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)، أي: إنما اختصنا الله بالرسالة بفضل منه وامتنان، والبشرية غير مانعة لمشيئته، وفي قول المصنف:"إلا وهم أهل لاختصاصهم" شائبة من الميل إلى المذهب، وفي قول موسى عليه السلام:(فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُرْسَلِينَ)[الشعراء: ٢١] دلالة على أن الرسالة موهبة محضة من الله، لا مدخل لعمل العبد فيها.