قوله:(ليكونن أحد الأمرين لا محالة)، وقد استقصينا الكلام [فيه] في قوله: (تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ)[الفتح: ١٦] بسورة (إِنَّا فَتَحْنَا).
قوله:(حالفين على ذلك)، هو حال، وعاملها مضمر، أي: قالوا: لابد من الإخراج أو العود حالفين، والدليل على القسم اللامان في "لنخرجن" و (لَتَعُودُنَّ).
قوله: (ولكن "العود" بمعنى: الصيرورة)، قال صاحب "الفرائد": ولو كان "عاد" بمعنى: صار، لقيل: لتعودن إلى ملتنا، أي: لتصيرن إليها، فملا عدي بـ "في" ضمن معنى: دخل، كقوله:(فَادْخُلِي فِي عِبَادِي)[الفجر: ٢٩]، أي: لتدخلن في أهل ملتنا.
وقلت: إنما يلزم ذلك أن لو كان (فِي مِلَّتِنَا) صلة (لَتَعُودُنَّ)، وليس كذلك، لأن "عاد" إذا كان بمعنى: صار، لم يكن "في" من صلة "العود"، بل يكون خبراً لـ "عاد"، لأن أخوات "كان" و"صار" من دواخل المبتدأ والخبر، ويمكن أن يقال: إنهم قالوا ذلك لظنهم الفاسد وجهلهم بأحواله، كقول فرعون:(وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ)[الشعراء: ١٩]، قال:"أو جهل أمره، لأنه كان يعايشهم بالتقية".