للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ* وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ)].

(لَنُخْرِجَنَّكُمْ)، (أَوْ لَتَعُودُنَّ) ليكونن أحد الأمرين لا محالة، إما إخراجكم وإما عودكم حالفين على ذلك.

فإن قلت: كأنهم كانوا على ملتهم حتى يعودوا فيها؟ قلت: معاذ الله، ولكن العود بمعنى الصيرورة، وهو كثير في كلام العرب كثرة فاشية؛

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ليكونن أحد الأمرين لا محالة)، وقد استقصينا الكلام [فيه] في قوله: (تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) [الفتح: ١٦] بسورة (إِنَّا فَتَحْنَا).

قوله: (حالفين على ذلك)، هو حال، وعاملها مضمر، أي: قالوا: لابد من الإخراج أو العود حالفين، والدليل على القسم اللامان في "لنخرجن" و (لَتَعُودُنَّ).

قوله: (ولكن "العود" بمعنى: الصيرورة)، قال صاحب "الفرائد": ولو كان "عاد" بمعنى: صار، لقيل: لتعودن إلى ملتنا، أي: لتصيرن إليها، فملا عدي بـ "في" ضمن معنى: دخل، كقوله: (فَادْخُلِي فِي عِبَادِي) [الفجر: ٢٩]، أي: لتدخلن في أهل ملتنا.

وقلت: إنما يلزم ذلك أن لو كان (فِي مِلَّتِنَا) صلة (لَتَعُودُنَّ)، وليس كذلك، لأن "عاد" إذا كان بمعنى: صار، لم يكن "في" من صلة "العود"، بل يكون خبراً لـ "عاد"، لأن أخوات "كان" و"صار" من دواخل المبتدأ والخبر، ويمكن أن يقال: إنهم قالوا ذلك لظنهم الفاسد وجهلهم بأحواله، كقول فرعون: (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ) [الشعراء: ١٩]، قال: "أو جهل أمره، لأنه كان يعايشهم بالتقية".

<<  <  ج: ص:  >  >>