الواصف له، فإذا نطقت ألسنتهم بالكذب، فقد حلت الكذب بحليته، ونحوه في المبالغة: نهاره صائم وليله قائم، فوصف اليوم الذي يصوم فيه هذا الشخص بصفته، لكثرة صدور هذا الفعل فيه، ولذلك وجهها كان موصوفاً بالجمال الفائق، ثم صار حقيقة الجمال ومنبعه، بحيث هو الذي يصف الجمال، كقول القائل:
أضحت يمينك من جود مصورة … لا بل يمينك منها صورة الجود
فالأسلوب من الإسناد المجازي. أو تقول: إن وجهها يصف الجمال بلسان الحال، على الاستعارة المكنية، بأن تقول: إنما بي من الشكل والغنج والدلال والملاحة، هو الجمال بعينه، وقريب منه:
وبي ظبي أنس كمل الله حسنه … وقال لأبصار الخلائق عوذي
وعن بعضهم: يعني وجهه يذكر ويظهر فيه شيئاً فيه الجمال، وهو الملاحة التي هي سبب الجمال.
قوله: (صفة لـ"ما" المصدرية)، وهي حرف، والحروف لا توصف، والمراد وصف "ما" مع مدخولها، وهو وصف ألسنتكم، ويُعلم منه أن "ما" مع ما بعدها معرفة؛ لأنها شبيهة بـ"أن" المصدرية وهي حرف والحروف لا توصف، وهي مع ما بعدها معرفة. قال أبو البقاء في قوله تعالى:(وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا): الجمهور على فتح اللام على أن اسم "كان" ما بعد "غلا"، وهو أقوى من أن يُجعل خبراً، والأول اسماً؛ لأن (أَنْ قَالُوا) يُشبه