«أبو عبيدة أمين هذه الأمّة، ومعاذ أمّة قانت لله، ليس بينه وبين الله يوم القيامة إلا المرسلون، وسالم شديد الحب لله، لو كان لا يخاف الله لم يعصه. وهو ذلك المعنى، أي: كان إماما في الدين، لأنّ الأئمة معلمو الخير. والقانت: القائم بما أمره الله. والحنيف: المائل إلى ملة الإسلام غير الزائل عنه. ونفى عنه الشرك تكذيبا لكفار
سمعت نبيك يقول:"إنه أمين هذه الأمة"، ولو كان سالمٌ مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته، وقلت لربي إن سألني: سمعت نبيك يقول: "إن سالماً شديدُ الحب لله"، ولم يذكر فيه حديث معاذ.
وهذا مؤولٌ لما ذكر في "الاستيعاب"، عن عمر أنه قال: لو كان سالمٌ ما جعلته شورى، وذلك بعد أن طُعن، وهذا عندي أنه كان يصدر فيها عن رأيه، يريد أنه لم يكن ممن يستحق الخلافة؛ لأن الأئمة من قريش، وسالمٌ كان مولى.
قوله:(أبو عبيدة أمين هذه الأمة)، روينا عن البخاري ومسلم والترمذي، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن لكل أمة أميناً، وأمينُ هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح".
قوله:(وهو ذلك المعنى)، أي: قول عمر رضي الله عنه: "ومعاذ أمة، قانت لله، ليس بينه وبين الله يوم القيامة إلا المرسلون"، ذلك المعنى الذي قاله ابن مسعود، وهو الأمة الذي يُعلم الخير.
قوله:(والقانت: القائم بما أمره الله)، الراغب: القنوت: لزوم الطاعة مع الخضوع، وفُسر بكل واحد منهما في قوله:(وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)[البقرة: ٢٣٨]، وقوله تعالى:(كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ)[البقرة: ١١٦] قيل: خاضعون، وقيل: طائعون، وقيل: ساكنون، ولم يعن به كل السكوت، وإنما عني به ما قال صلى الله عليه وسلم: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين، وإنما هي