الشدائد. أو وصفهم بالصفة التي تحصل لهم إذا صبروا عن المعاقبة. وإما أن يرجع إلى جنس الصبر - وقد دل عليه (صبرتم) - ويراد بالصابرين جنسهم، كأنه قيل: وللصبر خير للصابرين. ونحوه قوله تعالى (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)] الشورى: ٤٠ [، (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)] البقرة: ٢٣٧ [ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَاصْبِرْ) أنت فعزم عليه بالصبر (وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ) أى بتوفيقه وتثبيته وربطه على قلبك (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) أي على الكافرين، كقوله (فَلا تَاسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ)] المائدة: ٦٨ [أو على المؤمنين وما فعل بهم الكافرون (وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ) وقرئ:
قوله:(أو وصفهم بالصفة)، عطفٌ على قوله:"ثناء عليهم من الله"، يعني: وضع "الصابرين" موضع ضمير المخاطبين مجازاً؛ لأنهم عند الخطاب ما كانوا صابرين، فسماهم الله به، إما لمجرد المدح والثناء؛ لأن الصبر من أعم أوصاف المتقين، وإما لاكتسائهم بلباس الصبر جُعلوا صابرين ترغيباً على الصبر، وعلى أن يُراد بالصابرين الجنس لا يكون من وضع المظهر موضع المضمر، فلا يكون مجازاً بل يكون من باب الكناية، فيدخل في هذا العام المخاطبون دخولاً أولياً.
قوله:(كأنه قيل: وللصبر خير للصابرين)، حاصل الوجوه: أن معنى التركيب أن الصبر عن المعاقبة وترك المقابلة خير من استيفائها، كقوله تعالى:(وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)[البقرة: ٢٣٧]، (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)[الشورى: ٤٠].
قوله:(فعزم عليه بالصبر)، الأساس: عزمتُ عليك لما فعلت كذا، بمعنى: أقسمت، أي: وكد عليه أمر الصبر بأن أمره وحده بالصبر، بعدما حثهم عليه بالتركيب القسمي؛ لأن اللام في (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ) موطئة للقسم، وفيه معنى الأمر، ثم بين بأداة الحصر أن الصبر عليه سهل لكونه بتوفيق الله وتسديده.