قال تعالى:(فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ)[الصافات: ١٤٣]، وقال:(وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ)[البقرة: ٣٠]، و (سُبْحَانَ): أصله مصدرٌ كغفران.
قال أبو البقاء: سُبحان: اسم واقعٌ موقع المصدر، وقد اشتق منه: سبحتُ والتسبيحُ، ولا يكادُ يستعملُ إلا مضافاً؛ لأن الإضافة تبينُ من المعظم، فإذا أُفرد عن الإضافة كان اسماً علماً للتسبيح لا ينصرفُ للتعريف، والألف والنون في آخره مثل عثمان.
وقال ابن الحاجب: والدليل على أن سُبحان علمٌ للتسبيح قولُ الشاعر:
قد قلتُ لما جاءني فخره … سبحان من علقمة الفاخر
ولولا أنه عَلمٌ لوجب صرفه؛ لأن الألف والنون في غير الصفات إنما يُمنع مع العلمية، ولا تستعمل علماً إلا شاذاً، وأكثر استعماله مضافاً، وليس بعلم؛ لأن الأعلام لا تضاف. والتسبيح مصدر سبح، أي: قال: سبحان الله، ومدلول سبحان: تنزيهٌ لا لفظ، لكن ورد التسبيح بمعنى التنزيه.
قوله:(ودل على التنزيه البليغ)، وذلك في جلب هذا المصدر في أصل التركيب للتوكيد، وهو أسبحُ تسبيحاً، ثم أسبح سبحاناً، ثم في حذف العامل وإقامته مقام الدلالة على أن المطلوب بالذات المصدر، والفعل تابعٌ، فيفيد الإخبار بسرعة وجود التنزيه.
وأما قوله:"التنزيه البليغ من جميع القبائح التي يُضيفها إليه أعداء الله"، مما يأباه مقامُ "الإسراء" إباء العيوف الورد، وهو مزيفٌ، بل معناه التعجب، كما قال في "النور":