أي: ويدعو الله عند غضبه بالشر على نفسه وأهله وماله، كما يدعوه لهم بالخير، كقوله (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ)] يونس: ١١ [. (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا) يتسرع إلى طلب كل ما يقع في قلبه ويخطر بباله، لا يتأنى فيه تأنى المتبصر. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دفع إلى سودة بنت زمعة أسيراً، فأقبل يئن بالليل، فقالت له: مالك تئن؟ فشكا ألم القدّ، فأرخت من كتافه، فلما نامت أخرج يده وهرب، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم دعا به فأعلم بشأنه، فقال صلى الله عليه وسلم «اللهم اقطع يديها» فرفعت سودة يديها تتوقع الإجابة، وأن يقطع الله يديها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إني سألت الله أن يجعل لعنتي ودعائي على من لا يستحق من أهلي رحمة لأني بشر أغضب كما يغضب البشر فلتردّ سودة يديها" ويجوز أن يريد بالإنسان الكافر، وأنه يدعو بالعذاب استهزاء ويستعجل به، كما يدعو بالخير إذا مسته الشدّة. (وكان الإنسان عجولاً): يعني
قوله:(كما يدعوه لهم)، أي: يدعو الله لأجل نفسه وماله وأهله، ففي الضمير تغليبٌ. قال: وجه النظم: أن الإنسان بعد إنزال الله هذا القرآن واختصاصه بهذه النعمة الجسيمة والمكرمة العظيمة، قد يعدل عن التمسك بشرائعه، ويقدم على ما لا فائدة فيه.
قوله:(لأني بشرٌ أغضب ما يغضب البشر)، روينا عن البخاري ومسلم، عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا بشرٌ أغضب كما يغضب البشر، فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة"، وزاد أحمد:"تقربه بها يوم القيامة".