مسلمين. قلت: وإذا كانا كافرين فله أن يسترحم لهما بشرط الإيمان، وأن يدعو الله لهما بالهداية والإرشاد، ومن الناس من قال: كان الدعاء للكفار جائزًا ثم نسخ. وسئل ابن عيينة عن الصدقة عن الميت فقال: كل ذلك واصل إليه، ولا شيء أنفع له من الاستغفار. ولو كان شيء أفضل منه لأمركم به في الأبوين. ولقد كرّر الله سبحانه في كتابه الوصية بالوالدين. وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم رضا الله في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما
أي: أوجد رحمتهما إيجاداً مؤكداً محققاً كما أوجد الوالدان التربية إيجاداً محققاً في الزمان الماضي.
قوله:(فقال: كل ذلك واصل إليه)، يعني: لا يسأل عن الصدقة وحدها، فإن كلا مما تعورف من الميراث واصلٌ إليه.
قوله:(ولا شيء أنفع [له] من الاستغفار)، يؤيده ما روينا عن أبي داود وابن ماجه، عن أسيد الساعدي قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجلٌ فقال: يا رسول الله هل بقي من بر والدي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال:"نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما".
قوله:(لأمركم به في الأبوين): أي: المأمور به الاستغفار. وفي الآية المأمور به الاسترحام لقوله:(وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا)؛ لأن الاسترحام بمعنى الاستغفار.
قوله:(رضا الله في رضا الوالدين) عن ابن عمرو بن العاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد"، أخرجه الترمذي.