قرناؤهم في النار على سبيل الوعيد (وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا* فما ينبغي أن يطاع، فإنه لا يدعو إلا إلى مثل فعله. وقرأ الحسن: (إخوان الشيطان).
وإن أعرضت عن ذى القربى والمسكين وابن السبيل حياء من الردّ (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا* فلا تتركهم غير مجابين إذا سألوك. وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سئل شيئًا وليس عنده أعرض عن السائل وسكت حياء. قوله (ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ) إمّا أن يتعلق بجواب الشرط مقدّما عليه، أي: فقل لهم قولاً سهلاً لينًا وعدهم وعدًا جميلا، رحمة لهم وتطييبًا لقلوبهم، ابتغاء رحمة من ربك، أي: ابتغ رحمة الله التي ترجوها برحمتك عليهم. وإما أن يتعلق بالشرط، أي: وإن أعرضت عنهم لفقد رزق من ربك ترجو أن يفتح لك، فسمى الرزق رحمة، فردّهم ردًّا جميلا، فوضع الابتغاء موضع الفقد، لأنّ فاقد الرزق مبتغ له، فكان الفقد سبب الابتغاء والابتغاء مسببًا عنه، فوضع المسبب موضع السبب. ويجوز أن يكون معنى (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ) وإن لم تنفعهم
قوله:(فما ينبغي أن يُطاع)، يعني قوله:"وكان الشيطان لربه كفورا" تذييل للكلام، ولذلك أجراهُ مجرى التعليل.
قوله:(أي: ابتغ رحمة الله)، فسر المفعول له بالأمر ليؤذن بأنه داخلٌ في حيز الجزاء، عطفٌ على "قُلْ" مِن حيثُ المعنى، فيكون مأموراً بإنشاء القول اللين وإنشاء طلب الرمة.
قوله:(ويجوز أن يكون معنى (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ): وإن لم تنفعهم): عطفٌ على: "وإن أعرضت عن ذي القربى والمساكين وابن السبيل حياءً من الرد"، وقوله:"كناية بالإعراض عن ذلك" خبرُ: "أن يكونَ"، والإعراضُ عن الأول مُجرى على صراحته لقوله:"أعرض عن السائل وسكت حياءً"، ثم قوله:(ابْتِغَاءَ) على الأول: إما أن يتعلق بقوله: (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً)، والإضافة إلى المفعول لقوله:"ابتغ رحمة الله"، وإما أن يتعلق بالإعراض،