به من علم؟ قلت: معناه ما لهم به من علم؛ لأنه ليس مما يعلم لاستحالته، وانتفاء العلم بالشيء إمّا للجهل بالطريق الموصل إليه، وإما لأنه في نفسه محال لا يستقيم تعلق العلم به. قرئ:(كبرت كلمة) و (كلمة)؛ بالنصب على التمييز والرفع على الفاعلية، والنصب أقوى وأبلغ،
كان ذلك الشيء ثابتاً في نفسه، وأنه فاقدٌ للطريق الموصل إليه، واتخاذ الولد ف نفسه مُحالٌ، فكيف قيل:(مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ)؟ وتلخيص الجواب: جاز ذلك إرادة للمبالغة، وأن ما تفوهوا به معدومٌ بالطريق البرهاني، كأنه قيل:(مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ)؛ لأنه ليس مما يتعلق به العلم؛ لأن العلم تابعٌ للمعلوم، والمحالُ لا يستقيم تعلق العلم به، لكن هذا السؤال مستدرك؛ لأنه قال أولاً: إن قولهم هذا لم يصدر عن علم لكن عن جهل مفرط وتقليد للآباء.
قوله:(وقرئ: (كَبُرَتْ كَلِمَةً)، و"كلمة")، قال ابن جني: بالرفع قرا يحيى بن يعمر، الحسن، وابن محيصن.
سمى قولهم:(اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً): كلمة، كما سموا القصيدة- وإن كانت مئة بيت- كلمة، وهذا كوضعهم الاسم الواحد على جنسه، ولله فصاحة الحجاج وكثرة قوله على المنبر يا أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل.
الراغب: وتستعمل الكبيرة فيما يشق ويصعب، نحو:(وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ)[البقرة: ٤٥]، وقوله:(كَبُرَتْ كَلِمَةً) ففيه تنبيه على عظم ذلك من بين الذنوب، وعظم عقوبته، وكذلك:(كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ)[الصف: ٣].
قوله:(والنصب أقوى)؛ لأنه فاعلٌ مُزالٌ عن أصله للإبهام والتبيين.