(مِنْ وَرائِي): بعد موتي. وقرأ ابن كثير:(من وراءي) بالقصر، وهذا الظرف لا يتعلق بـ (خِفْتُ) لفساد المعنى، ولكن بمحذوف، أو: بمعنى الولاية في الموالي: أي: خفت فعل الموالي؛ وهو تبديلهم وسوء خلافتهم من ورائي. أو: خفت الذين يلون الأمر من ورائي. وقرأ عثمان ومحمد بن على وعلى بن الحسين رضي الله عنهم:(خفت الموالي من ورائي)، وهذا على معنيين: أحدهما: أن يكون (وَراءِي) بمعنى: خلفي وبعدي، فيتعلق الظرف بالموالي: أي: قلوا وعجزوا عن إقامة أمر الدين، فسأل ربه تقويتهم ومظاهرتهم بولي يرزقه. والثاني: أن يكون بمعنى قدامى، فيتعلق بـ (خِفْتُ)، ويريد أنهم خفوا
قوله:(وقرأ ابن كثير)، وهي شاذةٌ. قال أبو البقاء: وهو من قصر الممدود.
قوله:(لفساد المعنى)، إذ المراد بالموالي: العصبة، لقوله:"كان مواليه وهم عصبته". وإنما لزم فساد المعنى؛ لأن الخوف واقعٌ فيا لحال لا فيما يستقبل، ولو جعل (مِنْ وَرَائِي) متعلقاً بـ (خَفَّتْ) لزم أن يكون الخوفُ واقعاً فيما يُستقبلُ، فلابد من تقدير محذوف، أوجعل الموالي من الولاية بالكسر، أي: كل من يملك بعده لا العصبة فقط ليصح، فيقال على الأول:(خَفَّتْ) فعل عُصبتي بعد موتي. وعلى الثاني: خفتُ الذين يلون الأمر من بعد موتي، فاللامث في الموالي على هذا: موصولةٌ ليتعلق الظرفُ بصلتها، ولهذا قال: الذين يلون الأمر من ورائي، وعلى الأول: اللامُ: حرفُ التعريف. وفي الكلام لف ونشر.
قوله:(خفتِ الموالي)، الأساس: ومن المجاز خفت حاله ورقت، وأخف فلانٌ: صار خفيف الال، وفاز المخفون.
قوله:(فيتعلق الظرف بالموالي)، أي: خفت الذين يلون الأمر من ورائي. ويجوز أن يُراد بالتعلق أن يكون حالاً منه. قال ابن جني:(مِنْ وَرَائِي): حالٌ متوقعةٌ محكية، أي: خفوا متوقعاً متصوراً كونهم بعدي. ومثله مسألة الكتاب، مررتُ برجلٍ معه صقرٌ صائداً به غداً، أي: متصوراً صيده غداً.