عن ابن عباس: فاطمأنت إلى قوله، فدنا منها فنفخ في جيب درعها، فوصلت النفخة إلى بطنها فحملت. وقيل: كانت مدّة الحمل ستة أشهر. وعن عطاء وأبى العالية والضحاك: سبعة أشهر. وقيل: ثمانية، ولم يعش مولود وضع لثمانية إلا عيسى. وقيل: ثلاث ساعات. وقيل: حملته في ساعة، وصوّر في ساعة، ووضعته في ساعة، حين زالت الشمس من يومها. وعن ابن عباس: كانت مدة الحمل ساعة واحدة، كما حملته نبذته. وقيل: حملته وهي بنت ثلاث عشرة سنة. وقيل: بنت عشر، وقد كانت حاضت حيضتين قبل أن تحمل. وقالوا: ما من مولود إلا يستهلّ غيره. (فَانْتَبَذَتْ بِهِ) أي: اعتزلت وهو في بطنها، كقوله:
قوله:(فاطمأنت إلى قوله، فدنا منها فنفخ في جيب درعها فوصلت النفخة إلى بطنها فحملت)، إشارة إلى أن الفاء في:(فَحَمَلَتْهُ) تعطفُ هذه الجملة على ما قبلها بواسطة هذه المضمرات، فلا يبعد أن تُسمى فصيحةً؛ لأن الاطمئنان يستدعي سبق انزعاج، وذلك أنه حين تمثل لها الرسول بشراً سوياً انزعجت منه فاستعاذت بالرحمن، فلما جرى بينهما تلك المقاولة اطمأنت على قوله، فدنا … ، إلى آخره.
قوله:(كما حملته نبذته)، بيانٌ لمعنى الفاء في:(فَانتَبَذَتْ)، ولفظةُ "كما" فيها معنى المفاجأة. قال صاحب "اللباب": الكاف قد تأتي للقرآن في الوقوع، كقولك كما حضر زيدٌ غاب عمرو.
قوله:(وقالوا: ما من مولودٍ إلا يستهل غيره)، "غيرهُ": بالنصب على الاستثناء، أشار بهذا إلى الحديث المشهور مضى شرحه في "آل عمران". وإنما أومأ إليه وهو أجنبي هاهنا؛ لأنه ذكر نُبذاً من أحوالها الخارقة للعادات.