للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«يقول الله عز وجل: يا جبريل قد أحببت فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادى في أهل السماء: إنّ الله قد أحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يضع له المحبة في أهل الأرض»

وعن قتادة: ما أقبل العبد إلى الله إلا أقبل الله بقلوب العباد إليه.

(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) [مريم: ٩٧ - ٩٨].

هذه خاتمة السورة ومقطعها، فكأنه قال: بلغ هذا المنزل أو بشر به وأنذر، فإنما أنزلناه (بِلِسانِكَ) أى: بلغتك وهو اللسان العربي المبين، وسهلناه وفصلناه لِتُبَشِّرَ بِهِ وتنذر.

واللدّ: الشداد الخصومة بالباطل، الآخذون في كل لديد، أى في كل شق من المراء والجدال لفرط لجاجهم، يريد أهل مكة. وقوله (وَكَمْ أَهْلَكْنا) تخويف لهم وإنذار. وقرئ (تُحِسُّ) من حسه إذا شعر به. ومنه الحواس والمحسوسات. وقرأ حنظلة: (تَسْمَعُ) مضارع "أسمعتَ". والرَّكْز: الصوت الخفي. ومنه: ركز الرمح إذا غيب طرفه في الأرض. والركاز: المال المدفون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (يقول الله عز وجل: يا جبريل، قد أحببت فلاناً)، الحديث من رواية البخاري ومسلم والترمذي، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض".

قوله: (فكأنه قال) الفاءُ: جوابُ شرط محذوف، أي: إذا كانت الآية خاتمة للسورة "فكأنهُ قال: بلغ هذا المنزل"، وفيه إشعارٌ بأن الفاء التنزيلية، أعني (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ) فاءٌ فصيحة؛ لأن السبب المحذوف إما قوله: "بلغ هذا المُنزل"، أو قوله: "بشر وأندر"، يعني بلغ المُنزل لأنا أنزلناه بلُغتك لييسهُل عليك إبلاغه، فبشر وأنذر. وقال: بشر وأنذر فإنا

<<  <  ج: ص:  >  >>