بذلك الذلة والصغار، وإن كنت لا أدرى متى يكون ذلك لأن الله لم يعلمني علمه ولم يطلعني عليه، والله عالم لا يخفى عليه ما تجاهرون به من كلام الطعانين في الإسلام، و (ما تَكْتُمُونَ) في صدوركم من الإحن والأحقاد للمسلمين، وهو يجازيكم عليه. وما أدرى لعلّ تأخير هذا الموعد امتحان لكم لينظر كيف تعملون. أو تمتيع لكم (إِلى حِينٍ) ليكون ذلك حجة عليكم، وليقع الموعد في وقت هو فيه حكمة.
قرئ "قل" و (قالَ)، على حكاية قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. و (رَبِّ احْكُمْ) على الاكتفاء بالكسرة. و"رب احكم"، على الضم. و"ربى أحكم"، على أفعل التفضيل.
يمكنُ أن يُقال: ما توعدون يشملُ غلبةَ المسلمين وعذاب الآخرة، فيكونُ المرادُ ما يعمهما؛ إذ لا امتناعَ في إرادته، وقلتُ: يأباهُ قوله تعالى: (فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ)؛ لأنه بمعنى قشر العصا عن لحائها.
قوله:(علمه)، نصبٌ على المصدر، وأصله: لم يعلمنيهُ علماً، ثم قُدم المصدرُ وأضيف، على نحو:(فَضَرْبَ الرِّقَابِ)[محمد: ٤].
قوله: (قرئ: "قُلْ" و (قَالَ))، قال حفصٌ:(قَالَ) بالألف، والباقون: بغير ألف.
قوله: (و"رَبُّ احكُمْ" على الضم)، قال ابن جني: قرأ أبو جعفر: بضم الباء، والألفُ ساقطةٌ، على أنه نداءُ مفردٍ، وهذا ضعيفٌ، أعني حذف حرف النداء مع الاسم الذي يجوز أن يكون وصفاً لأي. ألا تراك لا تقولُ: رجلُ أقبِلْ؛ لأنه يمكنك إن تجعل الرجُلَ وصفاً لأي، فتقولُ: يا أيها الرجلُ، ولهذا ضَعُفَ عندنا قولُ من قال في قوله تعالى:(هَؤُلاءِ بَنَاتِي)