عن مقارّها ومراكزها ولا تخلو "السَّاعَةِ" من أن تكون على تقدير الفاعلة لها، كأنها هي التي تزلزل الأشياء على المجاز الحكمي، فتكون الزلزلة مصدرا مضافا إلى فاعله. أو على تقدير المفعول فيها على طريقة الاتساع في الظرف وإجرائه مجرى المفعول به، كقوله تعالى (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)] سبأ: ٣٣ [وهي الزلزلة المذكورة في قوله (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها)] الزلزلة: ١ [واختلف في وقتها، فعن الحسن أنها تكون يوم القيامة وعن علقمة والشعبي: عند طلوع الشمس من مغربها.
أمر بنى آدم بالتقوى، ثم علل وجوبها عليهم بذكر الساعة ووصفها بأهول
قوله:(فعن الحسن: أنها تكونُ يوم القيامة)، ويعضده ما روينا عن البخاري ومسلم، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقولُ الله عز وجل يوم القيامة: يا آدمُ، فيقول: لبيك وسعديك، فيُنادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذُريتك بعثاً إلى النار؟ فقال: يا رب، وما بعثُ النار؟ قال: من كل ألفٍ تسع مئة وتسعةً وتسعين، فحينئذٍ تضعُ الحاملُ حملها، ويشيبُ الوليدُ، وترى الناس سُكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد".
فإن قلت: كيف يستقيم على هذا قوله: (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا)؟ قلتُ، والعلمُ عند الله: لعل ذلك تمثيلٌ لبيان شدة الأمر وتفاقمه، كما قال:(وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ). نحو قوله:(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ)[القلم: ٤٢]، أو أن يكون ذلك عند النفخة الثانية، فإنهم يقومون على ما صُعقوا في النفخة الأولى لقوله تعالى:(ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ)[الزمر: ٦٣]، وينطبقُ على هذا قوله صلى الله عليه وسلم:"يشيبُ الوليدُ" مع قوله تعالى: (يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً)[المزمل: ١٧]، أي: الوليدُ والولدانُ الذين ماتوا على هذه الحالة، وعلى هذا لا يخالف قول علقمة والشعبي: عند طلوع الشمس من مغربها، مخالفةً ظاهرة.