أن يكون خبرا بعد خبر، كأنه قيل: هي خالية، وهي على عروشها أى قائمة مطلة على عروشها، على معنى أنّ السقوف سقطت إلى الأرض فصارت في قرار الحيطان وبقيت الحيطان ماثلة فهي مشرفة على السقوف الساقطة.
فإن قلت: ما محل الجملتين من الإعراب أعنى (وَهِيَ ظالِمَةٌ، فَهِيَ خاوِيَةٌ)؟
بـ (خَاوِيَةٌ)، أو يكون خبراً بعد خبر، وعلى الأول لا تخلو (خَاوِيَةٌ) من أن تكون بمعنى ساقطة، أو خالية، وعلى أن تكون بمعنى ساقطةٍ لا يخلو: إما أن يُعتبر فيه معنى الاستعلاء، فهو المراد من قوله:"خرت سُقوفها على الأرض، ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف"، أو أن تُجعل خاليةٌ، أي: ساقطة كناية عن مطلق الخراب كما كنى بقوله: (سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ)[الأعراف: ١٤٩] عن الندم مُطلقاً، وهو المرادُ من قوله:"أو أنها ساقطةٌ"، فعلى هذا "عروشُها" متعلقٌ بها تعلق الخالية، كأنه قيل: وهي خربةٌ مع عروشها، وعلى الثاني أن يكون خبراً بعد خبر:(خَاوِيَةٌ) إما بمعنى: ساقطةٌ أو خالية، فاعتبر معنى الثاني بقوله:"كأنه قيل: هي خاليةٌ وهي على عروشها" دون الأول لما عُلمَ من قوله: "خرتْ سُقوفُها على الأرض" هذا المعنى، فاندفع بقولنا:"أو خاليةٌ مع بقاء عروشها" عطفٌ على "ساقطةٌ على سقوفها" النظرُ الذي أورده صاحبُ "التقريب".
قال القاضي: والجملةُ - أي:(فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) - معطوفةٌ على (أَهْلَكْنَاهَا) لا على (وَهِيَ ظَالِمَةٌ)؛ فإنها حالٌ، والإهلاكُ ليس حال خرابها فلا محل لها إن نصبت (فَكَأَيِّنْ) بمقدرٍ يفسره (أَهْلَكْنَاهَا)، وإن رفعته بالابتداء فمحلها الرفعُ، وكذا عن أبي البقاء.
قوله:(مُطلةٌ على عروشها)، بالطاء غير المعجمة، وهي مُعدى بـ "على"، أي: أوفى عليه بطلله، أي: شخصه. و"أظل" بالظاء المعجمة مُعدى بنفسه. وفي الحديث:"قد أظلكُم شهرٌ عظيم".