للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هم الصحابة وقيل أهل الصفة خاصة. ومعناه: اتخذتموهم هزؤا وتشاغلتم بهم ساخرين (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ) بتشاغلكم بهم على تلك الصفة (ذِكْرِي) فتركتموه، أي:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سيبويه والخليل واحدٌ، واكسر لاتباع الكسر أحسنُ. وقال الواحدي: يقال: سخر منه وبه سخرية وسخرياً: إذا هزيء به، ومن السخرة التي بمعنى العبودية: "سُخريا" بالضم لا غير، ومن ثم اتفقوا على الضم في الزخرف؛ لأنه منا لسخرة، وعلى القراءتين جميعاً: هو مصدرٌ وُصف به، ولذلك أُفرد.

قوله: ((حَتَّى أَنسَوْكُمْ) بتشاغلكم بهم على تلك الصفة (ذكري) يعني: (حتى) مع ما يتصل بها: غايةٌ لقوله: (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً)، فلابد من تأويله بما يستقيم أن يكون هذا غايةً له، فيقال: تشاغلتم بهم ساخرين حتى جعلتموهم بسبب تشاغلكم بهم بصفة السخرية سبباً لنسيانكم ذكر الله، فظهر أن إسناد النسيان إلى الأولياء مجازي، والفاء في قوله: "فتركتموه" مؤذنة بأن الترك مسببٌ عما قبله، وقوله: (وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) تذييل.

وقوله: "فتخافوني في أوليائي"، مسببٌ عن قوله: "أن تذكروني"، والمراد بالأولياء (عِبَادِي) في قوله تعالى: (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ)، وإنما دعاه إلى تفسير "فتركتموه" بقوله: "تركتم أن تذكروني فتخافوني" أن قوله: (حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي) متضمنٌ للتخويف، لوروده توبيخاً للقوم، وأنه إنما جرهم إلى السخرية بأولياء الله ترك الذكر المؤدي إلى عدم الخوف من الله تعالى، وما يكشف عن هذا المعنى إلا النظم، وبيانه أن قوله: (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً) مرتبٌ على قوله: (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا)،

<<  <  ج: ص:  >  >>