للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(عَبَثاً) حال، أي: عابثين، كقوله (لاعِبِينَ) [الأنبياء: ١٦] أو مفعول له، أى: ما خلقناكم للعبث، ولم يدعنا إلى خلقكم إلا حكمة اقتضت ذلك، وهي: أن نتعبدكم ونكلفكم المشاق من الطاعات وترك المعاصي، ثم نرجعكم من دار التكليف إلى دار الجزاء، فنثيب المحسن ونعاقب المسيء (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) معطوف على (أَنَّما خَلَقْناكُمْ) ويجوز أن يكون معطوفا على (عَبَثاً) أى: للعبث، ولترككم غير مرجوعين. وقرئ (تُرْجَعُونَ) بفتح التاء (الْحَقُّ) الذي يحق له الملك، لأن كل شيء منه وإليه. أو الثابت الذي لا يزول ولا يزول ملكه. وصف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقرئ: "ترجعون" بفتح التاء) وكسر الجيم: حمزة والكسائي، والباقون: بضم التاء.

قوله: ((الحَقُّ) الذي يحق له المُلك)، (الحَقُّ) صفةٌ لـ (المَلِكُ)، واللام للجنس، والصفة مميزة؛ ولهذا علله بقوله: "لأن كل شيء منه وإليه"، يعني: أن مالكاً غيره ما يملكه من الله تعالى بدأ، وإليه يعود في العاقبة، فيكون هو الملك الواجب ملكه. قال القاضي: (المَلِكُ): الذي يحق له الملك مطلقاً؛ فإن من عداه مملوكٌ بالذات، مالكٌ بالعرض من وجه دون وجه، وفي حال دون حال. تم كلامه.

ويرجع معنى هذا التفسير إلى أن (الحق) بمعنى الواجب؛ ولذلك قال في التفسير الثاني: "أو الثابت الذي لا يزول"، التفسير الأول أبلغ وأوفق لتلاؤم الكلام، وأخذ بعضه بحجزة بعض؛ وذلك أن الفاء في قوله: (فَتَعَالَى اللَّهُ) مستدعية لما يربط به ما بعده بما قبله، وذلك أنه تعالى لما أنكر حُسبان منكري الحشر، وزعمهم أن لا حساب ولا عقاب، ولا رجوع ولا ثواب، وأنه تعالى خلقهم سُدى، نزه ذاته الأقدس عما يؤدي إلى ذلك الحسبان من العبث في الخلق، وعظم سلطانه، يعني: كيف يليق بمن هو الملك على الإطلاق وأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>