{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} أي: جلدهما. ويجوز أن يكون الخبر:{فَاجْلِدُوا}، وإنما دخلت الفاء، لكون الألف واللام بمعنى "الذي"، وتضمينه معنى الشرط، تقديره: التي زنت، والذي زنى فاجلدوهما، كما تقول: من زنى فاجلدوه، وكقوله:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَاتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ}[النور: ٤]. وقرئ بالنصب على إضمار فعل
قوله:(وقرئ بالنصب)، قال ابن جني: وهي قراءة عيسى الثقفي، وهو منصوبٌ بمضمر، أي: اجلدوا الزانية، وتفسيرها:{فَاجْلِدُوا} وجاز دخول الفاء، لأنه في موضع أمر، ومآل معناه إلى الشرط، ولا يجوز: زيدًا فضربته، لأنه خبر.
وقال الزجاج: وزعم الخليل وسيبويه أن النصب المختار، وزعم غيرهما من البصريين والكوفيين أن المختار الرفع، وكذا عندي، لأن الرفع كالإجماع في القراءة، وهو أقوى في العربية، لأن معناه: من زنى فاجلدوه، على الابتداء، ويؤيده قوله تعالى:{وَاللَّذَانِ يَاتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا}[النساء: ١٦]، وإنما اختار الخليل وسيبويه النصب، لأنه أمرٌ، والأمر بالفعل أولى. وقد مر فيه الكلام مستقصى في قوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨].