للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عالماً بصيراً يعقل كيف يضرب. والرجل يجلد قائماً على مجرده ليس عليه إلا إزاره، ضرباً وسطاً لا مبرحاً ولا هيناً، مفرقاً على الأعضاء كلها، لا يستثنى منها إلا ثلاثاً: الوجه، والرأس، والفرج. وفي لفظ الجلد: إشارةٌ إلى أنه لا ينبغي أن يتجاوز الأم إلى اللم. والمرأة تجلد قاعدةً، ولا ينزع من ثيابها إلى الحشو والفرو، وبهذه الآية استشهد أبو حنيفة رحمه الله على أن الجلد حد غير المحصن بلا تغريب. وما احتج به الشافعي رحمه الله على وجوب التغريب من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "البكر بالبكر جلد مئة وتغريب عام"، وما يروي عن الصحابة: أنهم جلدوا ونفا، منسوخٌ عنده وعند أصحابه بالآية،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (على مجرده)، أي: ظاهر بشرته عارياً. الجوهري: يقال: فلانٌ حسن الجردة والمجرد، كقولك: حسن العرية والمعري، وهما بمعنى واحد.

قوله: (لا مبرحاً)، النهاية: ضربٌ غير مبرح: غير شاق.

قوله: (وفي لفظ الجلد: إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتجاوز الألم إلى اللحم)، وهو المعنى بالإدماج عند علماء البيان، وإشارة النص في الأصول.

قوله: (البكر بالبكر جلد مئة)، عن مسلم والترمذي وأبي داود، عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً: البكر بالبكر جلد مئة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مئة ورجمٌ". هذه رواية مسلم، والمعنى: زنى البكر بالبكر حده جلد مئة، أو: حد زنى البكر بالبكر جلد مئة.

وفي قوله: "وما يروي عن الصحابة: أنهم جلدوا ونفوا، منسوخ"، بحثٌ، لأن إجماع الصحابة متأخرٌ عن نزول الآية، فكيف يكون منسوخاً بها؟ وفي هذا الإجماع دلالةٌ على أن الآية غير ناسخةٍ للسنة، وهذه الزيادة ليست بناسخةٍ للآية عند الشافعية خلافاً للحنفية. وروينا عن الترمذي عن ابن عمر، قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب وغرب، وإن أبا بكرٍ ضرب وغرب، وإن عمر ضرب وغرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>