تزايد خيره، وتكاثر. أو: تزايد عن كل شيء وتعالى عنه في صفاته وأفعاله. والفرقان: مصدر فرق بين الشيئين، إذا فصل بينهما وسمي به القرآن، لفصله بين الحق والباطل. أو لأنه لم ينزل جملةً واحدة، ولكن مفروقاً، مفصولاً بين بعضه وبعضٍ في الإنزال. ألا ترى إلى قومه:{وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا}[الإسراء: ١٠٦]؟ وقد جاء الفرق بمعناه، قال:
لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة، والمبارك: ما فيه ذلك الخير، وقال تعالى:{وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ}[الأنبياء: ٥٠] تنبيهاً على ما يفيض منه في الخيرات الإلهية. ولما كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحس، وعلى وجهٍ لا يحصى ولا ينحصر، قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسةٍ: هو مبارك، وفيه بركة. ولنسبة هذه الصفة إلى جنابة الأقداس، وهل كانت من الصفات الإضافية والذاتية، قال:"تزايد خيره وتكاثر، أو: تزايد عن كل شيء، وتعالى عنه في صفاته وأفعاله". وعلى المعنى الأول يقال: تبارك الذي نزل هذا القرآن الكريم.
الفرقان: الفارق بين الحلال والحرام، الذي عمت منافعه، وعمت عوائده، ومنه قوله تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ}[الفرقان: ١٠] وعلى الثاني يقال: تعاظم في ذاته، وتبارك في صفاته الذي نزل هذا القرآن العظيم الفرقان بين الحق والباطل، الذي بذت فصاحته نطق كل ناطق، وشقت بلاغته غبار كل سابق، ومنه قوله تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا}[الفرقان: ٦١]، وقوله تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}[الملك: ١]. وقال القاضي: البركة تتضمن معنى الزيادة، وترتيبه على إنزال القرآن لما فيه من كثرة الخير، أو لدلالته على تعاليه.
قوله:(ومشركي كافرٍ بالفرق)، الفرق بضم الفاء: بمعنى الفرقان، كالخُسْرِ بمعنى