من جهة تنكيره، أي: جزاءً موفراً لا يدخل تحت الوصف، وإردافه بقوله:{وَمَصِيرًا} أي: مصيراً لا يقادر قدره، فالجزاء هنا كالثواب في تلك الآية، والمصير كالمرتفق، واجتماعهما كالتتميم لما يتم به ما يطلب من المكان من الترفه والتنعم. قال القاضي: إضافة الجنة إلى الخلد للمدح، أو للدلالة على خلودها، أو التمييز عن جنات الدنيا.
قوله:(فذم العقاب ومكانه)، يعني: قدم قوله تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} إلى قوله تعالى: {وَإِذَا أُلْقُوا} الآية على قوله: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ} الآية: ليؤذن بأن النعم لا يتم إلا بطيب المكان وسعته وموافقته للمراد، فلذلك ذكر المصير مع الجزاء، وأن العقاب يتضاعف بضيق الموضع وظلمته وجمعه لأسباب الاجتواء، ولذلك ذكر {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا} وذكر {مَكَانًا ضَيِّقًا}، ولعل قوله:"فلذلك ذكر المصير مع ذكر الجزاء" واردٌ على الإبهام شمل الجزاءين والمصيرين، فظهر أن هذه الآية مقابلةٌ لتلك الآيات، يدل عليه قوله تعالى:{أَذَلِكَ خَيْرٌ}، فإن المشار إليه العقاب والمكان الضيق، وتسميته بالخير للتهكم والسخرية، ليزيد في غيظهم، أو أن ثواب العدو وتنعمه سببٌ لتغيظ العدو وتحسره.
قوله:(بغثاثة الموضع)، الأساس: حديثكم غث، وسلاحكم رثٌ، وأغث فلانٌ في كلامه: إذا تكلم بما لا خير فيه، وسمعت صبياً من هذيلٍ يقول: غثت علينا مكة، فلا XXXX من الخروج.