(صُنْعَ اللَّهِ) من المصادر المؤكدة، كقوله:(وَعَدَ اللَّهُ)[النساء: ١٢٢، الروم: ٦]، و (صِبْغَةَ اللَّهِ)[البقرة: ١٣٨]، إلا أن مؤكدة محذوف، وهو الناصب لـ "يوم ينفخ"، والمعنى: ويوم ينفخ في الصور وكان كيت وكيت أثاب الله المحسنين وعاقب المجرمين، ثم قال:(صُنْعَ اللَّهِ)، يريد به: الإثابة والمعاقبة
البراذين، واحد الهماليج، ومشيها الهملجة فارسيٌ معربٌ، وهي مشيٌ سهلٌ، يقول: حاربنا العدو بجيشٍ مثل الجبل العظيم تحسب أنهم وقوفٌ لحاجٍ، والحال أن الركاب تهملج وتسرع.
قوله:({صُنْعَ اللَّهِ} من المصادر المؤكدة)، الراغب: الصنع: إجادة الفعل، ولا ينسب إلى الحيوانات كما ينسب إليها الفعل، قال الله تعالى:{صُنْعَ اللَّهِ}. وللإجادة يقال للحاذق المجيد: صنعٌ، وللمرأة: صناعٌ، قال الله تعالى:{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}.
قوله:(والمعنى: يوم ينفخ في الصور فكان كيت وكيت، أثاب الله المحسنين، وعاقب المجرمين، ثم قال:{صُنْعَ اللَّهِ} يريد به: الإثابة والمعاقبة)، قلت: هذا يؤذن بأن قبل {صُنْعَ اللَّهِ} إضماراً، وهو أثاب المحسنين وعاقب المجرمين. و {صُنْعَ اللَّهِ} مصدرٌ مؤكد للمعنى المقدر.
وقوله:"وكان كيت وكيت"، كناية عن قوله {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} إلى آخره، وأن قوله:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ} إلى آخر الآيتين، تلخيصٌ لمعنى ذلك المقدر وقرينةٌ له.
وقال أبو البقاء: العامل في {يَوْمَ نَحْشُرُ}، {يَوْمَ يُنْفَخُ}: اذكر، و {صُنْعَ اللَّهِ} مصدرٌ عمل فيه ما دل عليه. {تَمُرُّ}، لأن ذلك من صنع الله، كأنه قال: صنع ذلك صنعًا.
وقال الزجاج:{صُنْعَ اللَّهِ} نصب على المصدر، لأن قوله: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً