يدِه. وفيه دليلٌ بيِّنٌ على ثخانةِ حُمقِ فرعون؛ فإنَّه إنْ صدقَ الكاهنُ لم يدفعِ القتلَ الكائن، وإن كذَبَ فما وجهُ القَتْل؟ و {يَسْتَضْعِفُ} حالٌ من الضَّميرِ في {وَجَعَلَ}، أو صفة لـ {شِيَعًا}، أو كلامٌ مستأنَف. و {يُذَبِّحُ} بدلٌ من {يَسْتَضْعِفُ}. وقولهُ:{إِنَّهُ كَانَ مِنَ اَلْمُفْسِدِينَ} بيانُ أنَّ القتلَ ما كانَ إلاّ فعلَ المُفسِدِين فحسب؛ لأنه فعلٌ لا طائلَ تحتَه، صدَقَ الكاهن أو كذَب.
قولُه:(لأنه فعلٌ لا طائلَ تحته)، يعني: ذبحُ الأبناءِ واستحياءُ البناتِ منهُ لم يكُنْ إلاّ للفسادِ فحَسْب، ولو كانَ فيهِ نوعُ صلاحٍ أو متضمِّنًا لمصلحةِ نفسِهِ وخلاصِهِ مِمّا كانَ يخافُ منه رُبّما عُذِرَ ولمْ يُسمّ فسادًا بالنسبةِ إليه. ولَمّا كانَ خِلْوًا مِن ذلكَ عُدّ فسادًا صِرْفًا؛ ولذلكَ قال:{مِنَ اَلْمُفْسِدِينَ}، أي: الكاملينَ في الفسادِ والمعدودينَ في زُمْرتِهم، قالَ الله:{إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِ}[يونس: ٢٣] قالَ المصنِّف: ((والبغيُ يكونُ بحقِّ كاستيلاءِ المسلمينَ على أرضِ الكَفَرةِ وهَدْمِ دُورِهم وإحراقِ زروعِهم وقلعِ أشجارِهم كما فعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِبَني قُرَيْظة)).
قولُه:(وعطفُه على {نَتْلُوا} و {يَسْتَضْعِفُ} غيرُ سديد)، أما على {نَتْلُوا} فإنّه لوْ عُطِف عليه لخرجَ عنْ أنْ يكونَ بعضَ المتلُوِّ ومِن نبأِ موسى وفرعون، وإنه مِنْ أَعجَبِ وأَهمِّ